خلاف بين الكونجرس والحكومة حول دعم العرب..
إدارة أوباما تطلب 7,36 مليار دولار للشرق الأوسط.. ونواب يعتبرونه
إهدارا للأموال..مساعدة وزير الخارجية:مساندة الجيش المصرى تضمن التزامه
بالسلام مع إسرائيل الجمعة، 24 مايو 2013 - 10:30
أوباما
واشنطن - بهاء الطويل
تسعى إدارة الرئيس باراك أوباما إلى الحصول على موافقة الكونجرس،
لتخصيص ٢٥٠ مليون دولار لدعم مشروعات وبرامج متنوعة فى مصر خلال العام
المالى ٢٠١٤، عبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
لكن الحصول على تلك الموافقة سيحتاج أولا إلى إقناع ٥٦ نائبا وهم أعضاء
لجنة الشئون الخارجية بمجلس النواب بأهمية دعم مصر ودول الشرق الأوسط خلال
الفترة الحالية، وهو على ما يبدو سيكون أمرا فى غاية الصعوبة، خاصة أن
غالبية أعضاء اللجنة من نواب الحزب الجمهورى المعارض بشراسة للرئيس أوباما
وإداراته.
الصعوبات بدأت الأربعاء الماضى خلال جلسة خاصة عقدتها لجنة الشئون
الخارجية، استمعت خلالها لاثنين من المسئولين بوزارة الخارجية الأمريكية،
وهم ﺍﻟﺴﻔﻴﺮﺓ بيث جونز مساعدة ﻭﺯﻳﺮ الخارجية لشئون الشرق الأدنى، والينا
رومانيسكى، نائب مدير قطاع الشرق الأوسط بالوكالة الأمريكية للتنمية
الدولية، وكلاهما تمتلكان سنوات طويلة من الخبرة، وخدمتا الشعب الأمريكى من
خلال العمل لصالح الحكومة الفيدرالية، السفيرة بث عملت لأكثر من ٣٥ عاما
بوزارة الخارجية، أما السيدة رومانيسكى فعملت بالمخابرات الأمريكية ثم
وزارة الدفاع لمدة ١٤ عاما قبل أن تنتقل إلى الخارجية، إلى جانب خبرتها فى
الشرق الأوسط وشئونه وقدرتها على تحدث العربية والعبرية.
النواب أعضاء لجنة الشئون الخارجية، يعلمون جيدا خلفية بيث والينا،
واستعدوا جيدا للجلسة، التى خلالها تعرضت السيدتين لوابل من الأسئلة من
نواب الكونجرس، سرعان ما تحولت الأسئلة إلى هجوم حاد بعد مطالبة الإدارة
الأمريكية بزيادة الدعم المالى المخصص لبعض دول الشرق الأوسط ومن بينها
مصر.
خلال الجلسة استعرضت السفيرة بيث ما أسمته "المصالح الرئيسية للولايات
المتحدة بالشرق الأوسط"، وهى بحسب ترتيبها جاءت كالتالي: حماية أمن إسرائيل
ودفع عملية السلام بالشرق الأوسط، وتحجيم تأثير إيران المزعزع لاستقرار
المنطقة، ومحاربة الإرهاب والتطرف، وحماية التجارة وأمن الطاقة العالمى،
بيث أوضحت أن السياسة الخارجية الأمريكية تأثرت كثيرا بالتغيرات التى
شهدتها منطقة الشرق الأوسط خلال العامين الماضيين، حيث أنفقت الخارجية
الأمريكية 1,8 مليار دولار لدعم الإصلاحات الاقتصادية والانتخابات والمجتمع
المدنى بدول المنطقة التى كانت جزءا من الربيع العربى.
وأكدت بيث على أهمية استمرار توافر الإمكانيات لحكومة الولايات المتحدة
لتلعب دورها فى الشرق الأوسط بما يكفل حماية المصالح الأمريكية وحتى تستطيع
أمريكا أن تقول لشعوب المنطقة التى ترغب فى التغيير "نحن هنا من أجلكم"،
بحسب تعبيرها. لكن هذا سيكلف الشعب الأمريكى الكثير من الأموال حيث ترغب
السفيرة بيث فى موافقة الكونجرس على تخصيص 7,36 مليار دولار لدعم مشروعات
وبرامج وزارة الخارجية بالشرق الأوسط. من بينها 3,1 مليار دولار لدعم
إسرائيل عسكريا، واستكمال المساعى للوصول إلى حل الدولتين.
الدعم الأمريكى لمصر كان محورا مهما خلال الجلسة.
وبدأت السفيرة بيث حديثها عن مصر بأهمية استمرار الدعم العسكرى للجيش
المصرى، من خلال برنامج "التمويل العسكرى الأجنبى "التابع لوزارة الخارجية،
ووصفته بيث بأنه "يدعم مصالح أمنية أمريكية رئيسية"، أبرزها تأمين قناة
السويس، واستمرار دور الجيش المصرى كعمود فقرى للسلام بين مصر وإسرائيل،
ومكافحة الإرهاب وتهريب السلاح عبر الحدود المصرية.
أما فى المجالات الأخرى فتسعى الخارجية الأمريكية وفقا للسفيرة بيث إلى دعم
الديمقراطية والإصلاح الاقتصادى فى مصر، إلى جانب برامج تطوير التعليم
العالي، ودعم الزراعة والسياحة، لكنها تجنبت تحديد حجم الأموال التى من
المقرر أن تقدمه الخارجية الأمريكية إلى الجيش المصرى أو حجم ما ستنفقه
الولايات المتحدة على باقى المشروعات التنموية فى مصر.
على عكسها كانت الينا رومانيسكى أكثر وضوحا فيما يتعلق بحجم الدعم المالى
الذى ستقدمه الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية للمشروعات فى مصر، الذى
سيرتفع العام المقبل إلى ٢٥٠ مليون دولار مخصصة لدعم برامج الديمقراطية
والتعليم والزراعة والمجتمع المدنى، بالإضافة إلى ٦٠ مليون دولار للصندوق
المصرى الأمريكى لدعم المشروعات.
كلا الطرفين، الكونجرس والإدارة الأمريكية، لديه مبرراته لطلب الزيادة
ورفضها، نواب الكونجرس يتحفظون على زيادة الدعم المالى لدولة مثل مصر،
لأنهم يرون أنه لا جدوى من تقديم المزيد من الأموال إلى دول الشرق الأوسط
دون أن يتم تحقيق إنجازات او تغيرات حقيقية بتلك البلدان. أما الإدارة
الأمريكية - التى مثلها فى الجلسة السفيرة بيث والسيدة رومانيسكى - فاعتبرت
أن زيادة الدعم المالى أمر حيوى لما تمثله مصر من أهمية كبرى للولايات
المتحدة ومصالحها بالشرق الأوسط، إلى جانب دورها الحيوى فى الحفاظ على
الاستقرار بالمنطقة، وضمان أمن إسرائيل.
وأبدى نواب الحزب الجمهورى اعتراضهم على طلب الزيادة، ووجهوا العديد من
الأسئلة إلى السفيرة بيث والسيدة رومانيسكى، حول حجم الانجازات التى حققتها
الحكومة خلال السنوات الماضية فى الشرق الأوسط. واعترض نواب ديمقراطيون
أيضا على طلب الزيادة، حيث قال النائب الديمقراطى جيرالد كونولى: "عام بعد
عام تطلب الإدارة زيادة الدعم المالى لدول الشرق الأوسط، ولم نر أى
إنجازات" معتبرا ذلك إهدارا لأموال دافعى الضرائب. وهو ما رفضته إلينا
رومانيسكى وأكدت أن الأموال الأمريكية لم يتم إهدارها وأن الإنجازات عديدة
وأبرزها "أن إسرائيل تعيش فى سلام جنبا إلى جنب مع مصر".
الجلسة استمرت لأكثر من ساعة وانتهت دون أن يبدو على وجوه النواب أعضاء
اللجنة علامات الرضاء عن الإجابات التى تلقوها من السفيرة بيث والسيدة
رومانيسكى، والأمر المؤكد أنهم غادروا مبنى الكونجرس وعلى وجوههم علامات
الاستياء من طلب المزيد من الأموال للشرق الأوسط، والمؤكد أيضا أن إدارة
الرئيس أوباما ستحتاج لبذل المزيد من الجهد خلال الجلسات المقبلة لإقناع
نواب الكونجرس بالموافقة على المخصصات المالية لدعم المنطقة العربية.